gamal abd alrahim.............................جمال عبد الرحيم

...... وما استعصى على قوم منال اذا الاقدام كان لهم ركابا

الاثنين، مايو ١٨، ٢٠٠٩

انفلونزا القمح الفاسد !!



بعد الكشف عن "فضيحة" استيراد كميات كبية من القمح الفاسد وتسريب لحوم الخنازير وبيعها للمواطنين بالأسواق علي انها لحوم بلدية كثر الحديث عن قانون جديد لسلامة الغذاء.. بالطبع حكومتنا الموقرة كعادتها لا تتحرك إلا عقب وقوع الكارثة.. لا تكتشف التقصير والاهمال إلا بعد وقوع المصيبة.. الخطورة ان تحركها لا يستمر طويلاً وسرعان ما تعود الامور إلي ما كانت عليه.. فعندما يتعرض فوج من الشباب للغرق في أعماق البحر نسمع تصريحات رنانة ووعوداً براقة من كبار المسئولين ثم سرعان ما تدفن هذه التصريحات وتلك الوعود مع جثث القتلي ويتحدثون عن اخطاء الشباب في الهجرة غير الشرعية وينسون أو يتناسون الاسباب التي دفعتهم إلي ذلك.. وعندما تسقط عمارة سكنية فوق رءوس سكانها نسمع ونقرأ الكثير والكثير من التصريحات والقرارات الخاصة بازالة العمارات المخالفة وسرعان ما تموت القضية دون ازالة طوبة واحدة.. وعندما تغرق باخرة في البحر ويقتل فيها اكثر من الف شخص كما حدث في العبارة السلام 98 نسمع ونقرأ عن اجراءات جديدة للتفتيش علي هذه العبارات وكالعادة لا تفعل شيئاً.. وعندما يحترق قطار بركابه نسارع باتهام السائق ونقيل رئيسه.. وعندما تسقط الصخور فوق السكان أثناء نومهم نتهمهم بالاهمال!! الغش التجاري يا سادة تحول إلي ظاهرة خطيرة واصبحت تمثل كابوساً مخيفاً لكافة طبقات الشعب.. ومن اهم صور الغش التجاري تلك التي تتعلق بصحة الإنسان وهي الاغذية الفاسدة او الادوية المغشوشة والمستلزمات الطبية الملوثة وتؤدي إلي اصابة المواطنين بشتي الامراض بل إلي وفاة الكثيرين منهم وهو ما يحدث يومياً.. رغم جهود مباحث التموين في ضبط الآلاف من القضايا في مجال الغش التجاري سنوياً من بينها مطاعم شهيرة وفنادق خمس نجوم تقدم وجبات لحوم واسماك منتهية الصلاحية وبعضها يقدم لحوم الكلاب والحمير والخنازير علي انها لحوم بلدية دون وازع من ضمير أو اخلاق إلا أن الظاهرة مستمرة.. نعم الظاهرة مستمرة في ظل قانون عاجز عن مواجهة أباطرة الأغذية الفاسدة لأن عقوباته هزيلة وغير رادعة وثغراته يستغلها التجار لجلب وترويج سمومهم علي المواطنين الابرياء من أجل تحقيق الثراء السريع علي حساب صحة المواطن المصري البسيط.. نعم الظاهرة مستمرة لعدم وجود رقابة حكومية علي ما يمس صحة الإنسان.. نعم الظاهرة مستمرة لعدم وجود قانون فاعل لحماية المستهلك.. نعم الظاهرة مستمرة لعدم وجود دور للجمعيات الاهلية التي تعمل في مجال حماية المستهلك. تصوروا ان قانون الغش التجاري تم وضعه في عهد الملك فاروق منذ 68 عاماً وهو القانون رقم 48 لسنة 41 ورغم انه عدل 6 مرات اخرها عام ..1994 ورغم صدور قوانين اخري وقرارات وزارية بتنظيم وحماية بعض السلع الغذائية المختلفة مثل الالبان ومنتجاتها إلا ان جميع هذه القوانين وتلك القرارات لم تكن رادعة لمحاربة جرائم الغش والتدليس. اعتقد ان الجميع يتفق معي علي ان بيع وترويج الاغذية الفاسدة او الادوية المغشوشة او استيراد المنتجات منتهية الصلاحية لا يقل خطورة عن الاتجار وجلب المخدرات فكلها سموم تفتك بصحة الانسان المصري لذلك لابد من معاقبة تجار تلك الاغذية الفاسدة بنفس العقوبة التي توقع علي تجار المخدرات وهي الاعدام شنقاً. ويمكن القول إن عصابات الاغذية الفاسدة تستغل ثغرات قانون الغش التجاري "الفاسد" لترويج سمومهم علي البسطاء فاذا نظرنا إلي عقوبات قانون الغش التجاري المعمول بها حالياً نجد انها غير رادعة ولا يمكن باي حال من الاحوال ان تقضي علي هذه الظاهرة الخطيرة فالمادة الثانية من القانون تنص علي: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز 30 ألف جنيه.. كل من غش او شرع في ان يغش شيئاً من اغذية الانسان او الحيوان او من العقاقير الطبية او الادوية او من الحاصلات الزراعية او الطبية او من المنتجات الصناعية او من طرح او عرض للبيع او باع شيئاً من هذه الاغذية كانت منتهية الصلاحية او فاسدة مع علمه بذلك. المادة السابقة من قانون الغش التجاري تؤكد ان العقوبات هزيلة ولا تتناسب مع الجرم المرتكب.. فعقوبة من يبيع أغذية فاسدة او أدوية مغشوشة او لحم كلاب وخنزير وحمير عمداً هي جنحة عقوبتها الحبس سنة وقد تكون مع ايقاف التنفيذ!! وفي مادة أخري من قانون الغش التجاري يتم معاقبة التاجر الذي يبيع الاغذية الفاسدة او الادوية المغشوشة وادت إلي اصابة شخص بعاهة مستديمة بالسجن 3 سنوات وغرامة 25 الف جنيه "يا بلاش"!!.. ولعل اخطر المواد الخاصة بقانون الغش التجاري تلك المادة التي تعاقب التاجر الذي يبيع الاغذية الفاسدة وادت إلي وفاة شخص او اكثر بالاشغال الشاقة المؤبدة وغرامة من 50 إلي 100 الف جنيه.. وخطورة هذه المادة انها لم تحد عدد الاشخاص القتلي بمعني انه في حالة وفاة 10 آلاف شخص مثلاً نتيجة لتناولهم اغذية فاسدة يتم معاقبة التاجر بنفس العقوبة وهي الاشغال الشاقة المؤبدة. ورغم ان تغليظ العقوبات في مجال الغش التجاري مطلب مهم وعاجل إلا ان ذلك ليس هو الحل الوحيد لمواجهة عصابات بيع وترويج الاغذية الفاسدة فهناك العديد من الاجراءات الاخري يجب تفعيلها لمحاربة عصابات قتل البشر منها علي سبيل المثال لا الحصر تشديد الاجراءات الامنية علي كافة المنافذ الجمركية والموانئ لعدم تهريب اغذة فاسدة او منتهية الصلاحية من الخارج إلي داخل البلاد.. كما يجب تفعيل دور الاجهزة الرقابية المنوط بها عمليات التفتيش علاوة علي توعية المواطن بحقوق وعدم الشراء من التجار الذين سبق ضبطهم في قضايا اغذية فاسدة. وفي النهاية اتمني ان تصدق حكومتنا الموقرة هذه المرة وتسارع بعرض قانون "سلامة الغذاء" علي مجلس الشعب لاقراره والموافقة عليه قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية.. اتمني ان يتم معاقبة اباطرة الاغذية الفاسدة بالاعدام في حالة وفاة شخص او اكثر بسبب تناولهم هذه الاغذية المسمومة.. اتمني الا تمر "فضيحة" القمح الفاسد دون حساب.. قولوا يا رب حتي لا نصاب بانفلونزا "القمح الفاسد". الجمهورية 19 مايو 2009