gamal abd alrahim.............................جمال عبد الرحيم

...... وما استعصى على قوم منال اذا الاقدام كان لهم ركابا

السبت، مايو ١٦، ٢٠٠٩

افغانستان مقبرة الغزاة

رغم بشاعة الحادث الإجرامي الذي شهدته قرية "لقمان بندا" بوادي سوات شمال غرب باكستان مساء السبت الماضي وأودي بحياة 12 طفلا بريئا عندما انفجرت فيهم عبوة ناسفة تشبه كرة القدم عثروا عليها أمام مدرستهم إلا ان هذا الحادث ليس بغريب أو جديد ولكنه استمرار لمسلسل مقتل العشرات من المدنيين الأبرياء في أفغانستان وباكستان يوميا في الصراع المسلح بين قوات طالبان وقوات حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. والواضح والأكيد ان السياسة الأمريكية لا يحكمها اسم الرئيس أو شخصيته ولا الحزب الذي أتي به إلي البيت الأبيض بدليل ان الرئيس الأمريكي الجديد أوباما يسلك حاليا نفس النهج الذي سلكه سابقه بوش فيما يتعلق ما يطلق عليه "الحرب علي الإرهاب" رغم الخسائر الباهظة التي لحقت بالولايات المتحدة الأمريكية منذ حربها علي افغانستان في أكتوبر 2001 وفشلها في الوصول إلي أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة أو حليفه القوي أيمن الظواهري حتي الآن. واعتقد ان استمرار الرئيس الأمريكي أوباما بنفس أسلوب الرئيس السابق بوش فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي هو أسلوب خاطيء بنسبة مائة في المائة لأنه يعتمد علي الوسائل العسكرية في حسم أي نزاع وعدم اعطاء الفرصة للحلول الدبلوماسية. ويبدو ان الرئيس الأمريكي أوباما لا يعلم ان اخضاع ارادة الشعب الأفغاني أو كسر شوكته من الأمور المستحيلة لأن الشعب الأفغاني يرتبط بمنظومة لها خصوصية من القيم والثقافة والمفاهيم تجعله رافضا لفكرة بقاء الاحتلال الأجنبي علي أرضه وحريصا علي طرد الغزاة حتي وان استمرت الحرب لعشرات السنوات.. يبدو ان الرئيس الأمريكي أوباما لايريد أن يتفادي هزيمة محققة علي أرض هذا البلد الذي كان مقبرة للاتحاد السوفيتي السابق. ورغم ان الرئيس أوباما أصر علي تعزيز قواته في افغانستان وتصعيد حربه ليس فقط ضد حركة طالبان ولكن ضد الشعب الأفغاني بالكامل إلا انني اعتقد ان حركة طالبان تخطو خطوات سريعة ومنظمة للعودة إلي نظام الحكم مرة أخري في أفغانستان.. الحركة سيطرت علي مناطق كثيرة كانت قد فقدتها عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 علاوة علي ان قواتها تشن يوميا هجمات ضارية علي قوات حلف الناتو وتسقط الطائرات وتدمر المدرعات العسكرية وتقتل العشرات من الضباط والجنود. وفي إطار ملاحقة عناصر طالبان في المناطق الحدودية بين افغانستان وباكستان استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية مرارا طائرات بدون طيار رصدت وتعقبت وقصفت اهدافا داخل باكستان اعتقدت ان فيها ملاذا لقيادات تنظيم القاعدة لكن القصف الأمريكي طال مواكب زفاف ومواطنين ابرياء منهم اطفال ونساء وشيوخ. ويمكن القول ان الخطة التي وضعها الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان في بداية الاحتلال الأمريكي لأفغانستان قد نجحت بنسبة كبيرة وهذه الخطة اعتمدت علي انسحاب قوات طالبان من المدن الافغانية لنقل ميدان المعركة إلي الجبال والتحضير لحرب عصابات طويلة بعيدة عن المدن السكنية لتجنيب تلك المدن ويلات الحروب والقصف الأمريكي. حركة طالبان يا ساداة لم تنهزم في الحرب التي شنتها القوات الأمريكية علي أراضيها عقب تفجيرات واشنطن ونيويورك عام 2001 لأن القوات الأمريكية لم تجد مقاومة تذكر من قوات طالبان التي انسحبت من المدن بتعليمات من زعيمهم الملا عمر.. فعندما رصدت قوات التحالف الشمالي تدعمها الطائرات الأمريكية إلي العاصمة كابول مثلا في 12 نوفمبر 2001 فوجئت بأن العاصمة مفتوحة أمامها وخالية من أية قوات لطالبان فدخلتها من جهة الشمال علي متن شاحنات وسيارات وسيرا علي الاقدام ولم يتوقع الجنرال محمد قاسم فهيم وزير الدفاع في التحالف الشمالي ان تسقط تلك المدينة بهذه السهولة والسرعة وبهذه الطريقة الدراماتيكية التي تبدو وكأن المدينة هي التي كانت تناديهم ليتسلموا مفاتيحها!! وهناك دلائل كثيرة تشير إلي أن حركة طالبان هي التي انسحبت من ميدان المعركة منها تصريح أدلي به عبدالسلام ضعيف سفير طالبان بباكستان يوم 26 ديسمبر 2001 أكد فيه ان الملا عمر وافق علي تسليم قندهار بعد اتفاق بين الحركة وقرضاي وعدد من علماء الدين وزعماء القبائل لتجنب الشعب الأفغاني مزيدا من القتلي والدمار والتشريد. ومن الدلائل الأخري التي تشير إلي أن الولايات المتحدة الأمريكية فشلت في حربها علي افغانستان انها لم تتوصل حتي الآن إلي اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة ذلك الشخص الذي زعمت انها ذهبت لقتله.. رصدت 50 مليون دولار لمن يرشدها إليه فلم يتقدم أحد.. استعانت بطائرات تجسس حديثة لم تصل إلي شيء.. قصفت السيارات علي الطرق لعل بن لادن يكون داخل احداها فتقتل الاطفال والنساء والشيوخ.. قامت بتفتيش سفن قبالة السواحل الباكستانية في المحيط الهندي وبحر العرب علي أمل أن يكون بن لادن قد وصل إلي احداها واستقلها.. ألقت كميات هائلة من القنابل علي جبال تورابورا واستعانت بقوات التحالف الشمالي للبحث عنه داخل الكهوف ولم تعثر عليه. وفي النهاية يبقي سؤال مهم هل يمكن ان ينجح الرئيس الأمريكي الجديد أوباما فيما فشل فيه الرئيس السابق بوش في القبض علي زعيم تنظيم القاعدة بن لادن.. اشك. الجمهورية 28 ابريل 2009