gamal abd alrahim.............................جمال عبد الرحيم

...... وما استعصى على قوم منال اذا الاقدام كان لهم ركابا

الثلاثاء، أبريل ٢١، ٢٠٠٩

شرفة ليلي مراد

رغم أن احترام أحكام القضاء وعدم التعليق عليها من التقاليد المهنية المهمة التي نتبعها ويجب المحافظة عليها إلا أن العديد من الكُتَّاب شنوا حملة شعواء في الأيام الماضية وهاجموا الحكم القضائي الصادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بإلغاء ترخيص مجلة "إبداع" التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب بوزارة الثقافة.. بعض الكُتَّاب سخروا من الحكم بطريقة غير لائقة. والبعض الآخر اعتبروه كارثة علي حرية الصحافة وحرية التعبير في مصر. قد ينفعل بعض القراء البسطاء مع كلام هؤلاء الكُتَّاب خاصة أن إغلاق الصحف أو المجلات من الأمور التي نرفضها جميعاً وهي بالفعل ضد حرية الصحافة وحرية التعبير. ولكن هل ذكر لنا هؤلاء الكُتَّاب في مقالاتهم التي هاجموا فيها الحكم. أسباب صدور هذا الحكم؟.. بالطبع لا!! الحكاية يا سادة أن مجلة "إبداع" التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب التابعة لوزارة الثقافة المصرية.. نعم المصرية وليست الأمريكية أو الإسرائيلية.. نشرت في شهر أبريل عام 2007 قصيدة شعرية تحمل عنوان "شرفة ليلي مراد" للشاعر حلمي سالم تعرضت بعض مقاطع فيها للذات الإلهية بالإساءة الشديدة. وتتضمن جرأة غريبة علي المولي "عز وجل" ويصوره بأنه يمسك الجناة من قفاهم كأنه شرطي!!.. وكذا يصوره بأنه يُمتحن في كل فصل دراسي. بينما يفعل هذا قبل أن يؤلف سورة البقرة!!.. ثم يتطاول أكثر وأكثر فيصور الخالق "عز وجل" بأنه طائر يختطف الرءوس. وعلي كل واحد أن يجهز العنق ساعة الموت!!.. بل وصلت التطاولات إلي تصوير المولي "عز وجل" بعبد المأمور هو والأنبياء الرسل عليهم السلام ويستدعيهم الشاعر بأسلوب يخلو من الأدب والذوق. وذلك لحراسته خشية أن يعتدي علي الجنة بشهوته!!! كان طبيعياً أن يلجأ البعض إلي القضاء لإلغاء ترخيص تلك المجلة التي نشرت تطاولات غريبة علي المولي "عز وجل".. المحكمة نظرت القضية علي مدي عامين كاملين استمعت فيها إلي دفاع الطرفين وتسلمت تقريراً من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بشأن ما نشرته المجلة.. التقرير وصف ما نشر بأنه كلام مقطَّع لا معني له ولا ترابط بين كلماته وليست له قيمة أدبية. ولا إبداع فيه.. وأضاف التقرير: "ومع تفاهة ما كُتب في هذه القصيدة فإنها واضحة في الإساءة إلي الذات الإلهية معلنة الإلحاد.. وأن هذا الكلام لا يصدر إلا عن مخمور. وأن كاتبه ملحد ينشر الإلحاد ويسميه إبداعاً". المحكمة ذكرت في أسباب حكمها أن المجلة المسماة "إبداع" نشرت ما أسمته قصيدة شعرية بعنوان "شرفة ليلي مراد" ووردت بها ألفاظ تسيء إلي رب العالمين. وهو فعل يباعد بينها وبين رسالتها الصحفية وينأي بها عن الهدف المنشود من ترخيصها بنشر الإبداع.. وأكدت المحكمة أنه من غير المتصور عقلاً أن هذا العمل قد نشر عبثاً دون أن يمر علي القائمين علي التقييم مثل هذه الأعمال لتقرير نشرها. الأمر الذي يؤكد أن بعض أولئك لديهم القناعة والاستعداد لنشر مثل هذا الإسفاف والتطاول علي رب العزة. وبالتالي يكون قرار الترخيص لها ليس محصناً من الإلغاء القضائي. الغريب والمثير أنهم يطلقون علي هذا الانحطاط والإسفاف "إبداعاً" ويتهمون الآخرين بأنهم لا يفهمون قراءة الشعر.. في الحقيقة لا أعرف أي إبداع الذي يتحدثون عنه.. أي إبداع يا سادة الذي يصف الله "عز وجل" بعسكري المرور الذي ينظم حركة السير بشارع زكريا أحمد؟!!.. أي إبداع يا جماعة الذي يشبه الخالق "سبحانه وتعالي" بالقروي الذي يزغط البط؟!!.. إي إبداع الذي يتطاول علي الذات الإلهية؟!.. حرية التعبير والإبداع يجب أن نوجهها ضد الجمود والقهر. والكبت والقمع في سبيل الحرية والديمقراطية والشفافية والنهوض بأمتنا ومجتمعنا وليست بالتطاول علي الذات الإلهية والاعتداء علي الأنبياء والرسل والصحابة. ويمكن القول إن الحملة المنظمة التي يقودها معسكر العلمانيين علي طول الجبهة الإعلامية وعرضها ضد الحكم القضائي بإلغاء ترخيص مجلة "إبداع" ليست بجديدة أو غريبة عليهم. فقد سبق لهم القيام بحملات إعلامية كثيرة جميعها كانت لحساب الملحدين والمعتدين علي المولي "عز وجل".. نعم معسكر العلمانيين ينتمي إلي مدرسة تلقن تلاميذها الكفر والإلحاد والفجور.. مدرسة تدعو إلي الثورة الفورية علي القرآن والسنة.. مدرسة تصف الأنبياء بالشذوذ.. مدرسة لا تهتم إلا بتدريس الجنس وإثارة الغرائز. مدرسة تري أن الشريعة الإسلامية من أكبر معوقات التقدم والنهوض. واتباعها يؤدي إلي التخلف عن ركب الحضارة الحديثة.. مدرسة تطلق علي القرآن الكريم كتاب الجهل البدوي المقدس!. والسؤال: إلي متي يظل العلمانيون في مصر يعتقدون أنهم المحتكرون للفكر والثقافة والإبداع دون غيرهم؟!.. الواقع يؤكد أن من يدينون بالعلمانية فرطوا في الدين والقيم والآداب. ودأبوا علي الطعن في ثوابت الدين.. ووجدوا آذاناً صاغية وأيادي داعمة ولم يردعهم أحد.. دائماً يسعون إلي إشعال نار الفتنة في المجتمع ولا يرون الإبداع إلا في حرية طليقة من كل قيد.. لا تكون إلا في رواية عاهرة أو قصة ماجنة أو طعن علي ثوابت الدين ورموزه وصلت بهم هذه المرة إلي التجرؤ علي الذات الإلهية بهذه القصيدة التافهة. ويمكن القول إن السبب الرئيسي الذي جعل الصحف الأوروبية تتجرأ علي نشر رسومات مسيئة لرسولنا الكريم "صلي الله عليه وسلم" وغيرها من ألوان الاعتداء علي الإسلام ورموزه: هو ما شاهدوه من قيام بعض المحسوبين علي الإسلام بنشر أفكارهم السامة وتطاولهم علي الأنبياء والرسل والمقدسات الإسلامية بهدف الشهرة. والسؤال: ما الحكمة من نشر مثل هذه الأعمال الأدبية الشاذة؟. البعض يتصور أن هذه النماذج الرديئة من الكتابة هي دعوة للاستنارة ضد جحافل الإرهاب وهذا تفسير خاطئ لمسئولية الإبداع ودور المبدع.. يتصورون أنهم يخدمون الدولة ولا أعتقد أن ذلك صحيح لأنهم يسيئون للدولة والشعب معاً. وفي النهاية يبقي سؤال مهم سبق وأن طرحته عام 2007 في نفس المكان عندما تحدثت عن هذه القضية: هل يستطيع أحد من هؤلاء الذين يطلقون علي أنفسهم مبدعين أن يصف رئيس الوزراء مثلاً بأنه عسكري مرور ينظم السير بشارع زكريا أحمد؟!.. بلاش رئيس الوزراء.. هل يمكن وصف وزير الثقافة بأنه قروي يزغط البط في الريف؟!!..