gamal abd alrahim.............................جمال عبد الرحيم

...... وما استعصى على قوم منال اذا الاقدام كان لهم ركابا

السبت، مايو ١٦، ٢٠٠٩

  1. يعتقد البعض أن ما يحدث من معارك بين الجيش الباكستاني وقوات طالبان الباكستانية في إقليم وادي سوات شمال غرب باكستان هي أمور داخلية إلا أن المتابع للتطورات التي تحيط بها يلمس أنها حرب أمريكية جديدة علي دولة إسلامية واستمراراً لمسلسل الحرب الأمريكية علي البلدان العربية والإسلامية. الولايات المتحدة الأمريكية لم يعجبها اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة الباكستانية في 16 فبراير الماضي مع أهالي وادي سوات والذي يقضي بتطبيق الشريعة الإسلامية بالمنطقة فمارست العديد من الضغوط علي باكستان لعدم تنفيذ هذا الاتفاق رغم أن تطبيق الشريعة الإسلامية لم يتم بناء علي طلب حركة طالبان الباكستانية ولكن بناء علي مطالب السكان المحليين الذين كانوا ينادون بذلك منذ عام .1988 كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أن الحرب التي يشنها الجيش الباكستاني حالياً علي قوات حركة طالبان بإقليم وادي سوات هي حرب أمريكية بأياد باكستانية.. فبعد انتهاء قمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع الرئيسين الأفغاني حامد قرضاي والباكستاني آصف علي زرداري بواشنطن في 7 مايو الحالي سارعت الحكومة الباكستانية بإعلان الحرب علي قوات طالبان الباكستانية في منطقة وادي سوات وغيرها من مناطق القبائل المجاورة وطالب رئيس الحكومة في كلمة وجهها للأمة بالوحدة في مواجهة ما أسماه بالتطرف داخل البلاد!! الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان صريحاً عقب مقابلته مع الرئيسين الأفغاني والباكستاني وأكد أنه اتفق معهما علي أن يجمعهم هدف مشترك وهو القضاء علي تنظيم القاعدة سواء في أفغانستان أو باكستان مشدداً علي دعم واشنطن لكل من باكستان وأفغانستان في مواجهة تصاعد هجمات حركة طالبان. والواضح بل الأكيد أن باكستان التي تعيش أزمة اقتصادية خانقة لم تجد أمامها من خيار سوي الرضوخ لمطالب واشنطن لشن حرب ضد مناطق القبائل المتواجدة فيها حركة طالبان علاوة علي ذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية مارست العديد من الضغوط النفسية علي الرئيس الباكستاني زرداري بتدبير المؤامرات بهدف عزله عن منصبه والاستعانة ب "نواز شريف" بدلاً منه. ويمكن القول إن الحكومة الباكستانية مسئولة عن تجدد أعمال العنف في إقليم وادي سوات وإراقة المزيد من الدماء وقتل العشرات من المواطنين الأبرياء يومياً ناهيك عن تشريد أكثر من مليون مواطن بسبب المعارك بين الجيش الباكستاني وقوات طالبان. أعتقد أن اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة الباكستانية مع أهالي وادي سوات في شهر فبراير الماضي بتطبيق الشريعة الإسلامية مقابل وقف أعمال العنف كان سيؤدي إلي تهدئة الأوضاع ليس في وادي سوات فقط ولكن في باكستان بصفة عامة خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن تطبيق الشريعة الإسلامية ليس مطلب حركة طالبان فقط ولكن مطلب جميع السكان لأن هذا الإقليم كان يعتمد الحكم فيه علي تطبيق الشريعة الإسلامية عندما كان إقليماً مستقلاً قبل ضمه لباكستان خلال حكم الجنرال يحيي خان عام .1970 ومنطقة وادي سوات ياسادة التي هجرها سكانها بسبب المعارك الضارية بين الجيش الباكستاني وقوات طالبان يطلق عليها "سويسرا باكستان" لأنها منطقة جميلة وخلابة تقف فيها الجبال شامخة مكسوة بخضرة الطبيعة تنساب ينابيع المياه الصافية من جنباتها في لوحة فنية طبيعية.. وادي سوات مساحته 1772كم وتعداد سكانه 1.5 مليون نسمة غالبيتهم من البشتون. أعتقد أنه ليس غريباً علي الولايات المتحدة الأمريكية أن تمارس ضغوطها علي الحكومة الباكستانية لشن حرب علي قوات طالبان بوادي سوات رغم مقتل الأبرياء يومياً وتشريد أكثر من مليون مواطن فقد سبق تورط الإدارة الأمريكية في حروب أهلية بين الأشقاء بالعديد من الدول العربية والإسلامية وإشعال نار الفتنة بينهم خاصة بعد أن فشلت قواتها في حسم المعارك العسكرية وتلقت ضربات موجعة من أبناء تلك الدول. عندما فوجئت القوات الأمريكية بالمقاومة العراقية الباسلة تسقط طائراتها وتدمر مدرعاتها وتقتل ضباطها وجنودها لجأت إلي أسلوب المؤامرات والدسائس بين الأشقاء في العراق وشهدنا الصراع الشديد بين السُنة والشيعة والأكراد وتحولت الأوضاع في الأراضي العراقية إلي مرحلة خطيرة وانتشرت ظاهرة حرب المراقد التي شهدت تفجيراً لمراقد السُنة والشيعة من الجانبين. في أفغانستان لم يختلف الوضع كثيراً عما حدث في العراق فقد استغلت الولايات المتحدة الأمريكية الصراع بين حركة طالبان وقوات التحالف الشمالي لمصلحتها عندما شنت هجومها علي الأراضي الأفغانية عقب أحداث سبتمبر 2001 وبالفعل دارت معارك طاحنة بين حركة طالبان وقوات التحالف الشمالي سقط فيها الآلاف من أبناء البلد الواحد وكان المستفيد الوحيد من تلك الحرب هو بوش وقواته. ورغم أن بوش رحل من البيت الأبيض إلا أن أوباما يسلك نفس النهج الذي سلكه خاصة فيما يتعلق بما يطلق عليه "الحرب علي الإرهاب" رغم الخسائر الباهظة التي لحقت بالولايات المتحدة الأمريكية منذ حربها علي أفغانستان في أكتوبر 2001 وفشلها في الوصول إلي أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة أو حليفه القوي أيمن الظواهري حتي الآن. وفي النهاية يبقي سؤال مهم: إذا كانت السياسة الأمريكية لا يحكمها اسم الرئيس أو شخصيته وهو ما جعل الرئيس أوباما يسلك نفس النهج الذي سلكه سابقه بوش فهل السياسة الباكستانية لا يحكمها اسم الرئيس أو شخصيته أيضا بدليل أن الرئيس الباكستاني زرداري يسلك نفس النهج الذي سلكه سابقه مشرف في تنفيذ أوامر وتعليمات الإدارة الأمريكية؟!! مجرد سؤال. >>>> الجمهورية 12 مايو 2009