gamal abd alrahim.............................جمال عبد الرحيم

...... وما استعصى على قوم منال اذا الاقدام كان لهم ركابا

الأربعاء، مايو ١٦، ٢٠٠٧

غرائب ومصائب الحكومة

لاشك ان قضية عدم تنفيذ الأحكام القضائية أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد تحقيق العدالة وتهدر حقوق المواطنين مما يدفع البعض منهم إلي توجيه نداءات وإعلانات مدفوعة الأجر بالصحف لحث المسئولين علي تنفيذ هذه الأحكام.. الكارثة ان الحكومة التي من واجبها ودورها تنفيذ الأحكام القضائية هي نفسها التي ترفض تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها. والمصيبة ان حكومتنا الموقرة ضربت عرض الحائط بالحكم القضائي الصادر مؤخرا من محكمة القضاء الإداري والقاضي بإلزام وزارة الداخلية بتنفيذ الأحكام القضائية مؤكدة في أسباب حكمها ان امتناع وزارة الداخلية عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها يعد جريمة جنائية وان هذا الامتناع يعد اعتداء صارخا علي سيادة الشعب الذي هو كل السلطات والذي تصدر الأحكام باسمه مشيرة إلي أن امتناع وزارة الداخلية عن اتخاذ إجراءات تنفيذ الأحكام الجنائية يجعل الخطأ من جانبها قد بات متوافرا ومحققا. ومن الأخطاء التي ترتكبها حكومتنا الموقرة لتعطيل تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها اللجوء إلي محكمة الأمور المستعجلة للطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة لأن هذا الإجراء مخالف للقانون وغير دستوري وهذا ما حدث مؤخرا عندما تقدمت هيئة قضايا الحكومة باستشكال أمام محكمة عابدين للأمور المستعجلة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري يوم الثلاثاء الماضي 8 مايو والقاضي بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإحالة 34 من قيادات جماعة الاخوان المسلمين إلي القضاء العسكري. بالطبع فإن هيئة قضايا الحكومة تعلم جيدا ان هذا الاستشكال سوف يقابل بالرفض لعدم اختصاص القضاء المدني بنظر الأحكام القضائية الصادرة من محاكم مجلس الدولة ولكن هدفها من هذا الاستشكال هو تعطيل تنفيذ الحكم وهذه طريقة غريبة وغير مقبولة للالتفاف علي احكام القضاء والتهرب من تنفيذها وكان يجب علي هيئة قضايا الدولة التي تضم المئات من المستشارين الاكتفاء بالإجراء القانوني والدستوري الذي اتخذته وهو الطعن علي حكم القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا وعدم اللجوء إلي مثل هذه الطرق الغريبة حتي تكون قدوة للمحامين الذين يهرولون إلي المحاكم غير المختصة بهدف تعطيل الأحكام القضائية. وبمناسبة الحديث عن الحكم القضائي الصادر مؤخرا من محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار محمد الحسيني بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإحالة بعض قيادات جماعة الاخوان المسلمين للقضاء العسكري فقد لفت انتباهي ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية والمحطات الفضائية العربية وما نشرته الصحف المصرية القومية والحزبية والمستقلة بأن هذا الحكم هو الأول من نوعه في مصر وهذا غير صحيح بالمرة ومخالف للحقيقة تماما فقد سبق لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة برئاسة المستشار طارق البشري عام 1992 أن أصدرت حكما شبيها عندما قضت بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإحالة مجموعة من المتهمين في القضية المعروفة باسم "العائدون من أفغانستان"للقضاء العسكري وقررت -المحكمة- إحالة المادة السادسة فقرة 2 من قانون الأحكام العسكرية إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستوريتها ولاتزال المحكمة الدستورية تنظر الطعن حتي الآن.. ولجأت جهة الإدارة -هيئة قضايا الدولة- آنذاك إلي الطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي قضت من جانبها بإلغاء حكم القضاء الإداري وأكدت في أسباب حكمها ان قرار الحاكم العسكري -رئيس الجمهورية- من القرارات السيادية التي لا تختص بها محاكم مجلس الدولة. ويمكن القول ان عدم احترام الحكومة لأحكام القضاء وعدم تنفيذ الأحكام القضائية أو اللجوء إلي طرق غير شرعية لتعطيل تنفيذ تلك الأحكام هو أمر خطير للغاية ويهدد وجود دولة القانون في مصر ويمثل إهدارا تاما لوجود سلطة قضائية ويساهم في نشر الفوضي والفساد ويضيع حقوق المواطنين البسطاء. وفي النهاية أري أن حكم القضاء الإداري الصادر مؤخرا بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإحالة بعض قيادات جماعة الاخوان المسلمين إلي القضاء العسكري أكد بما لايدع مجالا للشك ان القضاء المصري مستقل تماما ونزيه ويستحق منا كل التحية والتقدير والاحترام..